في مملكة هادئة وسعيدة، كانت تعيش هناك أميرة طيبة القلب تُدعى هديل. كانت تُحب جميع المخلوقات، صغيرة كانت أم كبيرة، وتقضي أيامها تتجول في حدائق القصر، تغني للطيور، وتساعد كل من يحتاج إلى العون. كانت محبتها لا تعرف حدودًا، لذا لم تكن تفرق بين غني أو فقير، قوي أو ضعيف.
في صباح مشمس، وبينما كانت هديل تتجول بين أحواض الأزهار المتفتحة، سمعت صوت خشخشة ضعيفة خلف الشجيرات. بدافع الفضول، قررت أن تتبع الصوت لتكتشف مصدره. وعندما وصلت، وجدت عصفورًا صغيرًا ملونًا بألوان زاهية، عالقًا في شجيرات مليئة بالأشواك. كانت ريشاته تتلألأ تحت ضوء الشمس كما لو كانت مصنوعة من الحرير.
قالت الأميرة برفق: "يا للعصفور المسكين، سأساعدك." ثم بدأت بفك الأشواك التي كانت تحيط بجسده بعناية شديدة، حتى تمكنت في النهاية من تحريره. وضعت العصفور في راحة يدها، وهنا حدثت المفاجأة.
رفع العصفور رأسه نحوها ونظر إليها بعينين ممتنتين وقال بصوت واضح: "شكراً لكِ على إنقاذي."
شهقت هديل من الدهشة وقالت: "هل تستطيع الكلام؟" أجاب العصفور: "نعم، أنا زافير، عصفور سحري من أرض بعيدة. لقد تم أَسري من قِبل ساحر شرير وحُوِّلت إلى هذا الشكل الصغير، لكن لطفك وحنانك قد حرراني."
بدهشة وغبطة، قالت الأميرة: "يا له من أمر مدهش! كيف يمكنني مساعدتك أكثر؟" أجاب زافير وهو يرفرف بجناحيه: "بل أنا من سأساعدك. بفضل إنقاذك لي، سأمنحك ثلاث أمنيات، لكن عليك استخدامها بحكمة، لأنها ستجلب السعادة والرخاء لمملكتك."
أمضت هديل لحظات في التفكير، ثم قالت بحكمة: "أول أمنيتي هي شفاء جميع المرضى في المملكة." وفي لحظة، انتشر ضوء ذهبي دافئ عبر أنحاء المملكة، وعاد المرضى إلى صحتهم، وتعافى الجميع من أسقامهم. فرح الناس وشكروا الأميرة من كل قلوبهم.
ثم بعد أن رأت سعادة شعبها، طلبت هديل أمنيتها الثانية: "أرغب في أن يكون لديكم طعام وفير لا ينفد أبداً، حتى لا يجوع أحد في مملكتي مرة أخرى." وبلمسة سحرية من زافير، امتلأت القرى بالسلال المليئة بالفاكهة والخضروات والحبوب، وشعر الجميع بالشبع والسعادة.
لكن الأميرة هديل شعرت أن أمنيتها الثالثة يجب أن تكون شيئاً أعمق وأبقى، فبعد تفكير طويل، قالت: "أتمنى أن يعيش في قلوب كل فرد في المملكة روح العطاء والكرم، حتى يساعدوا بعضهم بعضاً دائماً."
ابتسم زافير بحنان ونفذ الأمنية الأخيرة. منذ ذلك اليوم، ازدهرت المملكة أكثر من أي وقت مضى. أصبح الناس يساعدون بعضهم البعض بلا تردد، وكانت روح التعاون والكرم تنتشر في كل ركن من أركان المملكة.
لكن، لم تنتهِ القصة هنا. في أحد الأيام، جاء ساحر شرير يُدعى "طاغور" إلى المملكة، وكان هدفه إفساد السلام والرخاء الذي زرعته الأميرة. أراد السيطرة على المملكة وجعل الناس يخدمونه.
واجهت هديل الساحر بقلبها الشجاع وقالت: "لن تستطيع هزيمة الحب والكرم الذي يملأ قلوب شعبي." اندلع صراع بين قوى الخير والشر، لكن بفضل أمنية هديل الثالثة، اجتمع الناس في صف واحد لحماية مملكتهم. تعاون الجميع، الصغير قبل الكبير، لمقاومة طاغور.
وفي النهاية، بفضل القوة المشتركة للشعب وروح العطاء التي زرعتها هديل، هُزم طاغور وغادر المملكة خائب الأمل.
عادت الهدوء والسعادة إلى المملكة، واستمرت في النمو والازدهار. أصبحت المملكة مكاناً يُضرب به المثل في التعاون والمحبة. وكلما سُئل الناس عن سر سعادتهم، كانوا يقولون: "كل ذلك بفضل أميرة طيبة القلب وعصفور صغير سحري."